دار التنوير
الشهر الثالث عشر
الشهر الثالث عشر
بقلم احمد سعداوي
سنة النشر 2022
عدد الصفحات 150
والله يا صديقي.. يقولون أن الجثث من ليلة أمس يسحلونها للطب العدلي ببغداد من دون أن يعرف أحدٌ من الجاني. الأحمق بس اللي يرجع إلى هناك. وبعدين أنت أهلك هنا وليس ببغداد، على شنو راجع؟!
قال عوّاد ذلك، وكان جواباً متوقّعاً. فلا أحد هنا يتشجّع للمجازفة بما لديه من أجل تغييرٍ يقود إلى أشياء غير مضمونة. إن هبّت رياح شديدة فالكلّ يشتمها؛ لأنها تريد أن تغيّر الواقع، حتى لو كان هذا الواقع جثث كلاب عفنة مرمية على جوانب الطرقات النيسمية الضيقة، أو نفايات وبراز حيوانات يحملها ماء السواقي إلى جانب البيوت، أو حتى غياب الكهرباء عن الكثير من القرى ما سوى بيوت الشيوخ وكبار القوم.
الرياح القوية تقطع سلك الكهرباء عن المقهى الوحيد في ناحية "تلّ الإمجعبزة" فتنتهي لعبة الدومينو المسائية، إنه أمرٌ يدعو لكيل الشتائم على الريح، بينما عوائل لاعبي الدومينو تتعشّى على ضوء الفوانيس منذ عقود.
إن كان هناك شيء يؤخر عوّاد عن ترتيب جلسات الشرب والطرب في أحد بساتين عائلته، وتمضية ساعات من المرح والضحك، فهذا شيء شرير. أما البلد وبقية الناس فـ"لهم ربّ يحميهم".
ـ من الذي وضعني مسؤولاً عن بقية الناس؟
هكذا يمكن أن يقول عوّاد وبقية الشباب الجالسين من حوله هنا، وهم يمرحون ويضحكون